منذ سنوات عدة أصبح اعتماد الطراز البوهيمي في المنزل رائجًا جدًا، فقد اكتسب حضوره الواثق في مروحية خيارات لا حدود لها، لأنه يعكس الرغبة الدائمة إلى الترحال، تجاوز الحدود وتخطي الحواجز، ليس على مستوى الشكل فحسب بل أيضًا على مستوى اللون والخطوط وعبر الزخرفة ومرجعياتها التاريخية.
يعتمد الطراز البوهيمي على اللون الأزرق الرصين والفخم، تماماً كما يتزين باللون الأزرق الفيروزي، إلا أنه لا يلبث أن يمزج بين الألوان والأشكال، ليولّد أجواء مسكونة بالغرابة والدهشة.
ويتميز هذا الطراز بغرابته دائمًا حيث تتراك فيه الأنماط والمواد والعناصر غير مألوفة التي تدل على الحيوية والإشراقة وتعطي شعورًا بجمالية الألوان الدافئة والمشعّة. ويستمد بعض رموزهه وصياغاته من التقاليد الأوروبية الشرقية وبعض البلدان الآسيوية والهندية عبر استخدام الأقمشة المميزة بألوانها، في حين يتصدّر المواد الخشب الطبيعي والقصب والقش والجلد والمعدن، إضافة إلى أنواع عدة من السجاد والمنسوجات المختلفة.
يتمتع المبدعون بحرّية كبيرة في عملية تصميم الديكور البوهيمي، مترافقة مع منطلقات لا يمكن التغاضي عنها في التصميم والزينة، فهم في سعي دائم إلى ابتكار مناخ جميل عبر استخدام الوسائد المزينة بالنقوش، ولوحات الصوف المزخرفة بخطوط هندسية ونقوش كبيرة، إضافة إلى الأقمشة الهندية المزينة بالبرق والمرايا الصغيرة. ولا يتردد المصممون في
المزج بين الألوان وبين الأقمشة القديمة، والتي تملك قدرة عجيبة على تثمين الأجواء وإعطائها مزيداً من الجاذبية.
وفي هذا المجال، يعمل المصممون على تنسيق عناصر الزينة من قطع الأثاث البسيط والحديث أو حتى الريفي الرجعي محافظين على الطراز البوهيمي المميز وعلى روحيته وهويته. ولا يخفى أنّ للإضاءة أهمية قصوى حيث انها بألوانها الخافتة والناعمة، تمنح الأجواء البوهيمية نكهة خاصة، وتكسبها أصالة غير مشكوك فيها. كما تعتمد مروحة الإضاءة على نماذج من المصابيح البسيطة الأشكال، والثريات والشمعدانات التي تضفي على الأمكنة لمسة شاعرية فريدة.
لربما أصبح الكثيرون يعتمدون الطراز البوهيمي لديكور منزلهم إلا أنه من المؤكد أنه يشكل تحدياً جمالياً ووظيفياً غير موصوف، خصوصًا أنّه يمثل استحضاراً لمعطيات متعددة، يتطلب استثمارها في الديكور، براعة في المزج بين التقاليد الحرفية والتأثيرات المختلفة بأسلوب يساهم في تكريس حساسية تلامس المزاج بتناغم تام مع العادات والميول.
ومن المهم معرفة أنّ البوهيمية لا تعني على الإطلاق الإبتعاد عن القواعد والمعايير، للوصول إلى فراغ مفتوح، بل على العكس من ذلك، فهي تتجاوز القواعد والمعايير من أجل توليد مدى جديد يقترب أكثر فأكثر من الأصل والأصالة.
والصياغات البوهيمية غالباً ما تكون مُحكمة بخيارات مسبقة في إعدادها وتصورها تفادياً لغياب التوازن بين المكونات الزخرفية وللإبتعاد عن المبالغة، لهذا السبب يتم دائماً تهيئة أرضية التصميم واختيار المواد الطبيعية المناسبة لوضعها في الواجهة، لكونها من الأساسيات التي سيُبنى عليها المشهد الداخلي.