يعتمد جواب هذا السؤال بحسب من تسأل، ولكن تقريباً جميع الخبراء يشيرون إلى أنّ حركة تحرّر المرأة هو جزء من رفض الشباب للزواج، إذ حصول معظم النساء على الشهادات الجامعية ودخولهنّ في سوق العمل وتأخر سنّ الأمومة أدى إلى جعل الزواج ليس ضرورة ملحة لهنّ من أجل بقائهم المعيشي.
وفي هذا الإطار، يقول أستاذ علم النفس في جامعة فرجينيا، روبرت إيمري: “في الماضي، ظنّ الناس أنّ الزواج “أكثر من علاقة جدية”، فالمرأة في كثير من الأحيان تلقى الدعم المالي من زوجها، وتقوم النساء في الكثير من الأحيان بالأعمال المنزلية وتربية الأطفال”، مضيفاً: “انخفضت معدلات الزواج وارتفعت معدلات الطلاق عندما بدأ الناس يفكرون أقل بسمتواهم المعيشي وأكثر بقلوبهم”.
وأشار إيمري إلى أنّ “فكرة اليوم هي أنّ الزواج يأتي عبر الحب، والحب يأتي عبر تحقيق الذات” يقول الحجر. تحقيق الذات المتبادل هو هدف معقد ومتطور، ومن دون الإستقلالية المادية، وبالتالي الأشخاص الذين لا يشعرون بالرضى من العلاقة يبتعدون عن شريكهم.
بالتأكيد، كل علاقة زوجية مختلفة عن غيرها. فالعلاقات التي تكللت بالزواج خلال عام 1960 مثلاً، من المرجح أن تكون علاقات زوجية سعيدة وأن تستمر، حتى من دون تعزيز التفاوت الإقتصادي بين الرجال والنساء. ولكن الثنائي السعيد الذي تزوج خلال العام 2000 سيكون أكثر عرضة للطلاق من الثنائي الغير سعيد في عام 1960.
لقد تغيّرت العلاقات الزوجية لأن العلاقة بين الجنسين تغيّرت، إلا أنه ليس السبب الوحيد. أستاذة الإقتصاد في جامعة فيرجينيا أماليا ميلر، أجرت أبحاثاً في مؤسسة “راند RAND”، وقد نشرت دراسة تربط بين استخدام حبوب منع الحمل في سن مبكرة لدخل المرأة في سنوات لاحقة. وأثبتت الأبحاث أنّ النساء اللواتي لديهن فرصة الحصول على حبوب منع الحمل قبل سن الـ 21 خلال العام 1960، ليس فقط لديهن أجر أعلى بـ 8% من غيرهنّ في وقت لاحق من حياتهنّ المهنية، بل أيضاً هنّ النسبة الأكبر اللواتي يطلبن الطلاق.
في بلدان شمال أوروبا، معدلات الزواج منخفضة بشكل كبير، في حين معدلات “المساكنة” مرتفعة ونسبتها أعلى بكثير من نسبتها في الولايات المتحدة. أما السويد، فلديها أدنى معدلات الزواج في العالم.
ومن الجدير بالذكر أنّ أن النساء والرجال يريدون أن يكونوا معاً، على الرغم من انخفاض نسبة الزواج. وفي حين 40% من الناس الذين يتفقون على أنّ الزواج قد عفا عليه الزمن بحسب دراسة مركز “بيو” للأبحاث، أكثر من النصف لا يزالون يرغبون في الزواج.
لقد تغير مفهوم الزواج بسبب تغيّر مجتمعاتنا، ولا يمكننا العودة إلى نموذج الزواج من منتصف القرن 20 لأننا لم نعد نعيش في الثقافة أو الاقتصاد الذي أنشأته تلك المرحلة الزمنية. في يومنا هذا، كلٍّ من المرأة والرجل لديهم خيارات أكثر، ليس فقط في ما يتعلق بالزواج أو عدمه، بل أيضاً يمكنهم اختيار نوع العائلة التي يريدون إنشائها. إلا أنه يتفق الخبراء على أنّ هذه الخيارات هي الأهم في حياتنا وهي مصدر سعادتنا.