دخلت يوماً الى غرفة طفلي لأضعه في تخته وقت النوم، فوجدته حائراً، يحاول إيجاد الدبدوب الذي ينام بقربه كل ليلة منذ يوم ولادته. بعد محاولة فاشلة لإيجاد الدبدوب، نظر إبني في عيني وقال، “لقد نسيت الدبدوب في منزلنا في الجبل صباحاً”. ولكنه لم يكتفي بذلك، بل بدت علامة الغضب على ملامحه، خاصة عندما بدأ بالصراخ والبكاء وكأن هذه نهاية العالم.
علماً ان بيتنا في الجبل يبعد مسافة ساعتين في السيارة، وعلما ان الساعة كانت قد شارقت التاسعة مساءً، علمت أنه علي ان أتعامل مع الموضوع بطريقة مختلفة. لذلك إخترت تقنية “مشابهة القطار”، ولك أتفوه بكلمة بينما كان إبني يبكي ويصرخ. كل ما فعلته هو إنني جلست بقربه ووضعت يدي على ظهره، كطريقة لمواساته، وتركته يبكي وينتحب ليعلم ان كل يقوم به أمر طبيعي.
فجأة، توقف عن البكاء، وأخذ كتابا من قربه، وبدأ يتصفحه وكأن شيئاً لم يكن. عندها كان الوقت مناسباً للتكلم، سألته ما ان كان يريد ان يختار لعبة أخرى لينام بقربها، وقام بذلك، كما طلب مني قرأت كتابين بدلاً من واحد كطريقة لتعويض عن غياب دبدوبه. وفعلت.
هكذا نجحت بإعادته الى هدوئه من دون امضاء 4 ساعات على الطريق لجلب الدبدوب، بل تطلبت التقنية ثمان دقائق فقط.
ما المختلف الذي قمت به؟
لو سألت إبني ما ان كان يريد ان يختار لعبةً أخرى في بداية مرحلة البكاء، لكان إنفجر باكيا وصرخ أكثر. لذلك تركته يفرغ حزنه تجاه ما حدث كطريقة أفضل لتخظيه.
كما لو أنني قلت له “انها ليلة واحدة فقط. سنقوم بإسترجاعه غدا.” أو “لدينا الكثير من الحيوانات الأخرى، حاول ان تنام مع واحد منهم هذه الليلة.” او “سوف تكون على ما يرام، أعدك.” لكنت قد فشلت في إرضائه، كما انني أظهر له بذلك أن معاناته غير مهمة او لا تبرير لها، مما قد يدفع الى التفكير بانني لا أحبه.
ما هي قاربة القطار؟
في حالة كهذه، لا بد من رؤية الوضع كقطار يدخل داخل نفق، يكون النفق هو مجموع الأحاسيس والقطار هو الشخص المعني، اي الطفل في هذه الحالة. لذلك علينا ان نستمر في التقدم كي نقطع الى الجهة الثانية من النفق. عادة ما يحاول البالغون الخروج أسرع من ذلك النفق، من خلال ضرب رؤوسهم بالحائط، او التخيل بأنهم ليسوا في ذلك النفق، يأكلون المثلجات، يذهبون للتسوّق، او غيرها من الأعمال. ولكن لا شيء يحسن في إخرا الأطفال من النفق الا مواجهة مشاعرهم وتخطيها، لذلك من الجيد ان يصرخوا ويبكوا.
ما اهمية بناء المرونة في هذه الحالات؟
المرونة هي القدرة على ترويض أطفالنا للعودة الى الوضع الأساسي الذي كانوا فيه. لو أعدت اليه دبدوبه، او حاولت مواساته بكلمات لن يفهمها لما كنت نجحت في إعادة الوضع الى السابق. ولكن السماح له بخوض إحساس الخوف او الذعر، ومن ثم الخروج من هذا الإحساس، أو النفق، هو طريقة ناجحة!
لذلك عندما يبكي إبنك في المرّة القادمة، تذكري، بأن عملك كأم، هو ان تؤمني له الراحة عند مروره بهذه الأحاسيس، وتظهري له عطفك، كما ان تسمحي له بتعلم دروس الحياة بنفسه بدلا من وعظه.
ليس عليكِ أبدا ان تقفيه عن البكاء، فالدموع علامة نجاح في التربية وليس العكس!